..«سمعت أنكِ تصومين عن الضحك!
السؤال هنا هل هناك ما يُدعى الصيام عن الضحك؟»
-«أجل، أنا ممتنعة عنه» رددتُ عليها مؤكدة كلامها، كتمتْ ضحكتها من قراري ثم سألت: «لِمَ؟»
أجبت عليها بسؤال آخر«لأني أملِكُ غمازات؟»
«وما المزعج بها؟ هي جميلة حقًا وتليق بك...» واصلت مدحها ولم أكلف نفسي عناء سماع بقية كلامها، بل قاطعتها قائلة:
«لأن هناك من يقول أن شيطانٌ ما قام بتقبيلي هناك، وهو سبب ظهورها»
جلستْ بجانبي وتحدثت «ليس الجميع لديهم هذا الاعتقاد.. هناك من يقول أنها قبلة ملاك!»
نظرت لها وتساءلت «إذًا.. هي قُبلة مَن؟»
لطالما ارتبطت الأساطير القديمة بحياتنا، أساطير تم تأليفها لأغراض وأهداف مختلفة، بغض النظر عن اختلافهم وبعيدًا عن أين ومتى بدأت كل واحدة،. فهل فكرتم بهذا الأمر؟
شخصيًا، وكفتاة كانت ضمن الفئة الذي يتم توجيه هذه الأسطورة له، كان لديّ نوعًا من الفضول حولها.
قبل عدة سنوات تم التأكيد على أن الغمازات ما هي إلا تشوهات خَلقية؛ فهي نتيجة لقِصر عضلات الوجه، لكن كان هذا التفسير العلمي غير مستخدم كثيرًا، ولم يجعل أحدًا من الذين يملُكها يخجل منها أو يعتبرها تشوه، بل على العكس بدا أن من لا يملكها يريدها وبأي ثمن.
في محيطي ومن حولي من الناس لديهم دومًا رغبة الحصول عليها، وعلى الجانب الآخر هناك من يقوم على الدوام بتذكيري أنها فقط تشوه خلقي، ليس شيئًا عليكِ التباهي به بفخر. ولا يوجد أسباب محددة تبرر اعتبار هذا التشوه دلالة جمالية!
إلا أن ميزة التفرد يمكن أن تكون سبباً؛ فالغمازات لا تظهر إلا عند عدد قليل من الناس. أو من الممكن لأنها تذكرنا بوجوه الأطفال وبراءتها. كما أنها تصبح مرئية عندما يضحك الشخص. ومن المعروف أن الناس تميل إلى الأشخاص ذوو الابتسامة الجذابة .
هل تساءلتم عن سبب إشاعة أنها قُبلة من الأساس؟ رغم وجود حقيقة علمية ثابتة حولها.
هل فقط لأنها بالوجه؟ -سواءً كانت بالخد أو الذقن أو بجانب الفم-.
السؤال هنا.. هل هناك قُبلة في العالم تُحدِث فراغًا مكانها؟ حتى عندما تُصبح القُبلة عضة تكون هناك علامة لها أو قد تتورم صحيح. لكنها قطعًا لا تترك فراغ وكأنك أخذت قضمة من ذلك المكان!
وبما أنه تم اعتبارها قُبلة؛ فهل من قبلك في صغرك أراد الاحتفاظ بجزء منك؟ ما تفسير وجود تجويف بنفس المكان؟ XD
إن كان يجب عليهم ترك أثر، هل تظن أنها بمثابة غرامة لقُبلتهم توجب عليك دفعها؟
لننتقل لسبب تسميتها (غمازة)، من يملك تفسيرًا لسبب تسميتها هكذا؟
لو وضعنا هذه القصة جانبًا وتأملنا المعنى، هل تتوقعون أن السبب فقط بمعنى كلمة الغمازة؟ فبحسب معناها اللغوي: هي انبعاج بسيط في الجلد سببه تغيرات في طبقة البشرة السفلية.
أتظن أن هذا هو السبب؟ شخصيًا، أرى أنه كذلك؛ لأننا لطالما أشرنا إلى الأشياء بكلمة تصفها بدقة أو تقربك من معرفتها.
هلّا ذهبنا إلى الموضوع الرئيسي؟ قُبلة مَن؟
كما ذكرنا سابقًا فإن الغمازات تعتبر في بعض الأساطير قُبلة، لكن الاختلاف يكمن بكونها مِن مَن؟ هناك ثقافات تعتقد أنها من الملائكة بينما أخرى تظن أنها من الشياطين.. فما السبب؟
على الأغلب فإن الحل لتحديد قُبلة مَن هي بالضبط، يكمُن بالهدف المقصود وراء هذه الأسطورة، سواءً كان جيد أو سيء.
هناك اعتقاد سائد بين الناس قد يكون سبب نسبها للملاك، وهو أنها تندرج ضمن علامات العشرة للجمال، فمنذ قديم الزمان تم اعتبار الوجه الذي يحتوي على غمازات فاتن وجذاب.
بينما رجح آخرون أنها بسبب غيرة ذلك الملاك من جمال الطفل فقام بتقبيله وترك علامة بالمكان..
أعتقد أنه أراد الانتقام بطريقة لطيفة، فقام بزيادة جمال الطفل فوق جماله دون علمه، أو كما ذكرت ببداية الفصل؛ لأنه أراد الاحتفاظ بجزء منك لأنك جميل
فكرت بصراحة بشيء آخر.. لدي صديقة هوايتها وضع اصبعها مكان الغمازات، عندما يضحك الشخص الذي بجانبها وهو لديه غمازة لن تقاوم عدم وضع يدها هناك إطلاقًا.. إن كان سبب صنعها من البداية هي الغيرة، فأظن أنه أخذ قضمة من مكانها لأنه أراد من الناس ازعاجك على الدوام
على غرار صديقتي ستجد كثير من الناس يضايقونك مثلها، سواء عندما يطلب منك الضحك، أو عندما يمثل شخص أنه يعضك ويأخذ جزء منك، أو ببساطة يضع قلم بذلك الفراغ
بالتأكيد لم يكن الناس على وفاق كثيرًا، ومن المعروف أن آرائهم دومًا بها اختلافات كثيرة.. حتى بهذه الأسطورة هناك فئة تعتبرها قُبلة شيطان؛ فهي بالأخير تشوه خَلقي، بغض النظر أنها تعطي جمالًا الإ أنه من الجمال الذي يعتبر ورائه أسرار.
ومن باب آخر قد تسلب هذه الغمازة عقول الأشخاص؛ فتجد صاحبها يعتبر جماله فاتن بشكل لافت، وبهذا الجمال يستطيع الشيطان الوسوسة لك بالنظر إلى الشخص مرة واثنتان وعشرة! لأنها ببساطة ستسحرك، وهذا بعيدًا عن الدين غير أخلاقي.
ذكرت سابقًا أنها قد تسببت في غيرة بعض الناس من حولي، ذلك بسبب اعتبارها من علامات الجمال، وأثق أني لست الوحيدة التي تعرضت لهذا. ولأنه لن يحصل عليها سوف يلجأ لجعل الشخص يكرهها بالتذكير بأنها عيب خلقي.
ربما أرى أنها شيئًا لا أحبذ وجوده على الدوام؛ فهي في أوقات تعتبر أكبر مصيبة..
على سبيل المثال أذكر أني بالصف الثاني الثانوي عندما كنت أتكلم أنا وأصدقائي بخفوت حتى لا تنتبه المعلمة لنا، هربت مني ضحكة خفيفة عندما ألقت إحدى صديقاتي بتعليقها على شيء، فأمسكتها قبل أن ترانا المعلمة، وحينها كانت غمازتي بارزة؛ وبذلك لاحظت المعلمة أنني أحاول عدم الضحك وكُشِفنا.. (تم قطع باقي القصة حفاظًا على صورتي XD)
سواءً كانت قُبلة ملاك أو شيطان، وبعيدًا عن الهدف من وجودها، وبكل معانيها أرى أنها رمزًا للجمال، أو بالأحرى هي شيئًا يصرخ بدلًا عنك بأنك جميل. سواءً إن أراد من قَبلك بك الشر أو غار منك؛ ألا يعني أنك مميز بشيء رباني صافي؟
وعلى غرار جميع التشوهات الخَلقية قد كانت الغمازات شيء يتم التفاخر به، بل ويلجأ العديد إلى العمليات تجميلية لكي يحصل عليها، على الرغم من كونها بالأصل تشوه خلقي إلا إنها لا تسبب ضررًا بك، أو حتى تستحق اخفائها.
كشخص لا يحب الغمازات، لأنها تسبب لي الكثير من المشاكل، سواءً كان بسبب إبطالها دومًا لخططي أو بسبب سؤال الأطفال من حولي لماذا لدي حفرة؟ ثم يفسر لهم الكبار الأمر بقولهم «كانت تلعب وهي وصغيرة وصنعت حفرة»
قد أدركت أن هناك الالاف من الناس يتمناها، وأنت جاءت لك من الله كهدية، وبالتالي علي قبل كره شيء مُقدر لي وميزني به الله عن أغلب البشر أن أشكره، فهي بمثابة الهبة.
ويبقى السؤال هي قبلة من؟
كتابة: اينفي راونين.
مراجعة: أوكتان إغدراسيل.
Comments