top of page
صورة الكاتبمجموعة راميال

العلكة وآكلوا لحم البشر


هل تصدق أن العلكة تسبّب بالعديد من المشكلات؟



ففي سنغافورة مثلًا، تم منعه وأصبح المهربون يخاطرون بحيواتهم لتهريبه داخل البلاد، كما يتم تهريب المخدرات تمامًا.

قد يظن البعض أن قرار منعه كان -فقط- لأن الشعب يرمي العلك في الأماكن العامة مما يسيئ للمظهر العام، لكن لا؛ السبب وراء هذا هو أن العلكة كادت تتسبب في الكثير من حوادث القطارات -وقد حدث بعضها فعلا-؛ وذلك لأن البعض يلصقها على أبواب القطارات، مما يمنع إغلاقها بأمان.


أمرٌ مرعب تسبب به هذا المنتج ضئيل الحجم، لكنه في الأسطورة التي سنتحدث عنها مرعبٌ أكثر.


سنعتلي الجبال ونُحلق على مهل، سننطلقُ في طريقٍ قد سار عليه لوسيفر، لكننا نُحلِقُ بأجنحةٍ ملائكية، نحنُ هنا لنقُصَّ عليك القصة؛ لأننا نريدك أن تعيشها على أيدينا!

انتهى بنا المطاف على أطراف دولة تركيا، وهناك بدأت أسطورتنا…


الأسطورة التي تقول أن مضغ اللبان ليلًا يعد من الممنوعات؛ كونه يرمز لسوء الحظ! فحتى إن كان شخص ما يعاني من رائحة أنفاس كريهة بعد عشاء شهي، لن يتمكن من تناول قطعةٍ منها ولو كانت صغيرة، ومن يفعل فكأنه يمضغ لحم جسد ميت، ولم تكن تركيا تنفرد وحدها بهذه الخرافة، فقد كانت دولة هنغاريا تشاركها نفس المعتقد.


هناك اعتقاد لدى بعض الناس عن كونها مرتبطة بشكلٍ أو بآخر بمصاصي الدماء؛ من حيث أنها كائنات تتغذى على الدماء، وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن جسد الميت سيكون مليئًا بالدماء، فإن من يمضغ اللبان بالمساء مع أكلة اللحوم النيئة، سوف يشرب الدماء المتسربة منها وسوف يكون شبيهًا بهم.


وبالرغم من كونهم ليسوا المخلوقات الوحيدة التي تبتلع الدماء أثناء أكل وجبة شهية -فالحيوانات المفترسة لديها نفس الميزة- إلا أنهم من تم ذكره، وهنا كنت أتساءل عن السبب؟


حتى إن كان ذلك الجسد لبشري أو حيوان فكِلا المخلوقين -مصاص الدماء والحيوانات المفترسة- يتشاركان هذه الخاصية. لربما السبب أنها أول من يخطر بالبال حين يتم ذكر الدماء؟ من يدري.


أراهن أن من خلق هذه الخرافة ما هو إلا عامل نظافة قد ذاق ذرعًا ممن يُلصقون العلك في أي مكان بمجرد انتهائهم منها، أو قد تكون ربة منزل قد مرّت على كل ما تناقلته النساء من خلطات التنظيف ولم تنتهِ مشكلتها مع العلكة!


من المؤكد أنك لن تُعجب بنفسك ولن يهنأ لك بال وأنت تتخيل أنك تمضغ لحمًا بشريًا وتشرب دماءه، لا نختلف على أن مصاصي الدماء يتمتعون بالوسامة في السينما والمسلسلات، لكن قطعًا لن يكون ذلك ممتعًا أو رائعًا على أرض الواقع.


لكن مع هذا، لماذا اختير التوقيت الليلي؟ لمَ لا يتم منعك عنها في النهار أيضًا؟ لمَ لم تكن ممنوعة كليًا؟ ما الفرق إن أكلتها في تلك الأوقات؟ أحدهما غير مسموحة فيه وبالمقابل مقبولة بآخر؟

يبدو أن من اخترعها كان يحتاج أن ينام، لكن فرقعة آكلي العلك منعته من ذلك. منطقي الآن!


ولم تقف تلك الخرافة في حدود تلك الدولتين فقط؛ فقد انتشرت عند بعض البلدان بل وأصبح جزء منهم يسير عليها تمامًا كأنها قاعدة رئيسية. لابد أن أحدًا منكم سمع بها أو حصلت في بيته أو لدى صديق ما.


لقد كنا في نفس السياق فلم يخلُ منزلنا منها، بل سمعناها مرارًا وتكرارًا من العائلة. وبحسب مبدأ «الممنوع مرغوب» كان الليل أفضل الأوقات لمضغ العلكة أو استهوائِها، وعلى الدوام ننصت لنفس القصة!


ومن جانب طريف للموضوع، في إحدى المرات التي خالفت بها الأمر وتناولتها بالليل ومع التحذير المتكرر شعرت فعلًا أني آكل لحم ميت؛ الفكرة ترسخت وتم تطبيقها، احتجت فترة معينة كي أعود لرشدي وأوقن أنها مجرد حلويات وليست لحمًا حقًا.


وكما ذكرنا سابقًا فهذا المنتج يحتوي على الكثير من الخرافات ولم تتوقف لهذا الحد؛ فهي تملك جانبًا آخرًا فريدًا من نوعه.


ولو أنه يحمل جزءً من الحقيقة هذه المرة؛ حيث يظن البعض أن ابتلاع العلكة يؤذي المعدة ويجهدها، وهي من الطعام الصعب هضمه؛ وعلى هذا تحتاج عملية الهضم لسبعة سنوات كي تتمكن المعدة من إكمال العملية بنجاح.=

آخرون يرون أن كثرة ابتلاع العلكة تؤذي القولون، وعند تجمع عدد كبير منها سيحدث انفجار للمعدة من الضغط.


فُصِّلت هذه الحكاية للفئة التي لا تقوم برمي اللبان عند انتهاء من أكله؛ ولو أنها تحتوي على بعض الحقائق، لكنها فعليا ليست حقيقة؛ فالمعدة تحتاج فقط لعدة أيام للانتهاء من هضم اللبان، وصحيح يعتبر من الأطعمة التي تجهد المعدة لكنه لا يستمر لسنين كما تزعم هذه الخرافة.


وبما أن الرحلة شارفت على نهايتها، أحببنا توجيه كلمة لك من القلب.

تكرار الشيء من عدة مصادر لا يعني أنه موثوق وأن الكلام الموجود حتمًا صحيح. قبل تصديق حادثة ما أو قصة رويت لك، عليك أولاً أن تبحث خلفها جيدًا وتفهمها، وعلى هذا فإن أمعنت في هذه الحكاية ستجد أنها لا تحتوي على بداية أو حتى هوية لمختلق هذه الأسطورة، ربما من الجدات، الأمهات، شخص ما يجيد حياكة القصص…


لكنها لم تبنَ على أرض متينة لأن لا أساس لها من الصحة.

ربما يكون سبب منعها عاملًا صحيًا، طفلًا توجب عليه التقليل منها فاختلقت عائلته الأمر، أو ربما عاملًا اقتصاديًا لأن ثمنها كان غاليًا…


لا نعلم حقًا كيف بدأت، لكننا متيقنون أنها غير مقنعة.


لكن ما أراه هو أن هذه الخرافات هي مصدر قوي لإلهام الكاتب، خصوصًا كُتّاب الفانتازيا.



كتابة: رنيم ومشاعل

مراجعة: فاوانيا

١٤ مشاهدة٠ تعليق

منشورات ذات صلة

عرض الكل

Comments


bottom of page