قبل الإجابة على السؤال لنقم بتعريفٍ بسيط للصوت: هو اهتزازات على شكل موجاتٍ ميكانيكية، تنتقل عبر وسطٍ مادي كالهواء، الماء، أو الأشياء الصلبة.
وبالتالي نفهم أنه لكي ينتقل الصوت عبر الفضاء عليه أن يحتوي على وسط مادي، فهل يوجد به؟
في البداية ما هو الفضاء؟ هو الكون خارج الغلاف الجوي للأرض، يقع على ارتفاعٍ يزيد على 100 كلم من سطح البحر.
وعلى الرغم أنه يعتبر فراغًا إلا أنه يحتوي على الكثير من المواد كالغبار الكوني وجزيئات الجسيمات والإشعاعات والمجالات المغناطيسية وغيرها.
وبسبب احتوائه على تلك المواد اعتُقِد بأنه ليس حيّزًا خاليًا تمامًا، إلا أننا لا نستطيع سماع الأصوات التي تنتقل عبره، وذلك لأن الغاز الناتج عن تدمير النجوم القديمة، والذي يتمتع بالقدرة على نقل الموجات الصوتية، تكون الاهتزازات الناجمة عنه منخفضة عن الحد الذي يمكن للإنسان سماعه؛ لبعد المسافة بين الجسيمات.
لكن ماذا لو كانت المسافة قريبة من بعضها؟ وتلك الاهتزازات كانت بالمستوى الذي يمكِّننا من سماعه، وانتقل الصوت بالفضاء؟
الذي سيحدث ببساطة هو أننا سنتمكن من الاستماع إلى جميع أصوات الانفجارات التي تحدث به بطريقة مرعبة وقوية.
فحسب ما قرأت أن انفجار نجمٍ ضخم -المعروف باسم سوبرنوفا- على سبيل المثال: يصدر صوتًا عاليًا يقدّر بـ 194 ديسيبل، والديسيبل هو وحدة قياس الصوت، وطبلة الأذن تتضرر مباشرة عند درجة 140 ديسيبل فقط!
باختصار سوف تنفجر طبلة الأذن من أول انفجار يحدث بالفضاء، وسنفقد حاسة السمع كليًّا ولن نتمكن من الإنصات إلى أي شيء بعدها.
بغض النظر كم أن هذا مرعب! لكنه أمر طبيعي جدًّا؛ فهل يمكنك تخيل أننا سنكون قادرين على احتمال الانفجارات والأصوات جميعها، مع الوضع في الاعتبار أن هناك أشياء كثيرة في الفضاء تُحدِث أصواتًا ونحن لا نسمعها، على سبيل المثال الشمس.
لطالما كانت الشمس تتمتع بمظهر رهيب، لكن ألم يخطر ببالك لماذا لا نسمع ألسنة النار حينما تزيد من لهيبها؟ فلطالما أصغينا إلى هذه الأصوات عند إضرام النار بموقدٍ ما، أو عند الشواء حين نزيد الحطب! وعلى هذا الأساس فكرت: ماذا لو استطعنا سماع صوت الشمس؟
بالتأكيد الشمس لن تكون هادئة، فهي صاخبة بشكل غير عادي، لذلك من الطبيعي لو أننا سمعنا صوتها فستصم الآذان تمامًا. فعلى الرغم من جمالها، لكنها تمتلك ذلك الجمال الذي يفضل مشاهدته من بعيد حتى لا يقضي عليك.
وعلى هذا نعود إلى مسألة أننا عاجلًا أم آجلا سوف نفقد حاسة السمع، سواءً من العواصف الهوجاء أو من الانفجارات العنيفة.
لكن أتعرف ما الجميل بالأمر؟
أنك لن تستمع لضوضاء الفضاء كثيرًا، فعلى الأرجح سوف تكون قد فقدت سمعك منذ أول انفجار!
حينها أتوقع أن جميع البشر سوف يتمنون أن يولدوا صُمًّا، أعني أنهم سيفقدون الحاسة على أي حال؟
في كل الأحوال، لا داعي للخوف فالصوت لا ينتقل عبر الفضاء، ولو فعل فهناك عوائق عدة عليه أن يمر بها، كالثقوب السوداء.
وإن كنت تتساءل ما هي الثقوب السوداء فهي «أماكن ذات جاذبية هائلة تبتلع كل ما يقع تحت مجالها من كواكب ونيازك وإشعاعات وموجات وغيرها».
لحسن الحظ أن هذه الثقوب بعيدة عن كوكب الأرض، فأقرب ثقب أسود يبعد عن الأرض عشرات الآلاف من السنين الضوئية.
لا داعي للخوف، فحتى لو تواجدت الثقوب السوداء بالقرب من كوكبنا، فالاحتمال الأكبر أننا لن نسمع تلك الأصوات، وذلك بسبب الثقوب نفسها، إن مرت الأصوات من خلالها فهي لن تفلت من قبضة الجاذبية! فمن مميزات هذه الثقوب أنها قادرة على ابتلاع كل شيء... بما في ذلك الموجات الصوتية! وعلى هذا حتى لو صادفنا ثقبًا ما، فلن نستطيع سماعه.
وفي جميع الحالات فاحتمالية تواجد ثقب أسود بقربنا كما سبق وذكرت ضعيفة، الثقوب السوداء لا تتجول حول الكون، وهي لا تبتلع العوالم بشكل عشوائي، بل تتبع قوانين الجاذبية تمامًا مثل الأشياء الأخرى في الفضاء، إذ يجب أن يكون مدار الثقب الأسود قريبًا جدًّا من النظام الشمسي للتأثير على الأرض، وهو أمر غير مرجح.
حتى إن كان هناك ثقب أسود له نفس كتلة الشمس، فلا يمكن للأرض أن تقع في مجاله، لأنه وبكل بساطة سوف يحتفظ ذلك الثقب بنفس جاذبية الشمس تمامًا، وعلى هذا ستظل الكواكب تدور حول الثقب الأسود كما تدور حول الشمس الآن.
ولمن يتساءل عن مدى احتمالية أن تصبح الشمس ثقبًا أسود… نسبة إمكانية حدوث هذا ضعيفة جدًّا؛ وذلك لأن شمسنا أصغر بكثير مِن أن تُشكِّل في يومٍ من الأيام ثُقبًا أسود! وذلك لأنها لا تملك كتلة كافية قادرة على توليد قوة جاذبية فائقة، تضغطها بشكلٍ كافٍ لتصبح ثقبًا أسود، إذ أنه ليصبح أي نجم ثقبًا أسود بعد وفاته، عليه أن يكون أكبر من شمسنا بعشرة أضعاف.
ويقبى السؤال، ماذا لو امتلك البشر أنفسهم معيارًا مختلفًا لسماع الأصوات واستطاعوا سماع النجوم بسهولة، كيف سيكون الأمر
كتابة: إينفي روانين مراجعة: إيانا
コメント