هل تعلم أن هناك رقمًا مرعبًا بين الأرقام؟
ماذا لو أخبرتك بوجود قِصصٍ تدور حوله؟
قبل أن أبدأ بالتحدث عنها، لنقم بالعد حتى نصل للرقم عشرين، تستطيعون؟
1،2،3،4،5،6،7،8،9،10
...11،12،14
مهلًا، لقد تخطينا إحدى الأرقام! لكني لا أستطيع العودة وكتابته، تعلمون لماذا؟
لأنه الرقم الذي يصيبك بالمرض حينما تذكره والأفضل الابتعاد عنه...
هممم، أراهن على أنكم فضوليون لمعرفة الحكاية، صحيح؟ إذًا تعالوا لأخبركم بها.
«ثلاثة عشر حكاية في حكاية»
يُعتبر الرقم الثالث عشر جالبًا للنحس في بعض دول العالم الغربي، ولا أحد يعرف لماذا تحديدًا حتى يومنا هذا.
تعددت أسباب خوف الناس منه، ربّما يرجع ذلك لأن لكل دولةٍ في العالم قصة مختلفة، لكن أجمع الأغلبية على اعتباره رمزًا للشُّؤم، وفي أوروبا وأمريكا على وجه الخصوص. يُعدُّ الرقم ثلاثة عشر الكابوس الحي داخل النفوس، وهناك من يُعاني فوبيا منه خاصةً إن صادف يوم الجمعة.
أخطر ببالك لماذا الثالث عشر دون غيره من الأرقام؟ أنا فعلت حقيقةً وبحثتُ خلف هذا، وإن لم تقنعني النتائج كثيرًا.
هذه الخرافة موجودةٌ منذ زمن بعيد... قيل أن السبب يرجع إلى العشاء الأخير للمسيح؛ حيث كان هناك ثلاثة عشر شخصًا حول المائدة «وهم المسيح والحواريون الاثني عشر»، اعتقد البعض أن هذا دلالةٌ للحظ السيئ لأن واحدًا من هؤلاء الثلاثة عشر كان خائنًا.
لم يقتصر الأمر على هذا بل انتقل للقوة الروحانية والأيام، حيث من المعروف أن يوم الأحد هو يوم العبادة لدى المسيحيين، وبحسب لغة الأرقام فإن القوة العددية لهذا اليوم هي ثلاثة عشر؛ حيث أن الألف ترمز للرقم واحد، والحاء للرقم ثمانية، والدال للرقم أربعة، وبهذا يكون ذلك الرقم.
وهناك فئة تقول إن ساحرات الرومان القديمات يعتبرون هذا الرقم رمزًا للشيطان، قد كُنَّ اثنا عشر ساحرة، والثالث عشر هو الشيطان.
الكثير من الأمريكيين تخوفوا من فشل المكوك الفضائي أبولو 13 في رحلته إلى القمر فقط لأنه يحمل هذا الرقم، والطريف في الأمر أن أبولو 13 قد تعرض فعلًا لمشاكل كثيرة أثناء رحلته ففشلت الرحلة، الأمر الذي رسّخ في المعتقدات الغربية التشاؤم من الرقم 13.
ما السر وراء هذا الرقم تحديدًا؟
إن فكرت بالذهاب في رحلة إلى أحد الدول الغربية التي تعتبر 13 رقم سوء حظ، وأردت استئجار غرفةٍ ما في فندق، فعلى الأغلب قد تجد بأنه لا يوجد أي غرفة تحمل هذا الرقم! كما أن أزرار المصاعد لا تحتوي على هذا الرقم، لن تجد غرفةً أو طابقًا مكتوبًا عليه 13، ففي بعض الأماكن تم نفيه كليًّا وكأنه ليس له وجود ضمن الأرقام.
والغريب في هذا أنه لا توجد حادثة ضخمة أو مشكلة كبيرة لها رابطة وثيقة بهذا الرقم على وجه الخصوص، فكل المصائب التي حدثت كانت مشاكل ليس لها علاقة ببعضها بأي شكلٍ من الأشكال.
بل وقرأت ذات مرة أن فيليب الرابع قام بقتل فرسان الهيكل في يوم الجمعة الثالث عشر، وفي كل مرة يبتعد الأمر عن كونه صدفة -بالنسبة لي على الأقل-، تبادر لذهني أن فرنسا أو فيليب تحديدًا قد يكون ماكرًا، وأنه لم يختَر هذا اليوم من فراغ… بل أراده يومَ نكبة؟ أو كي يتم تذكُّر المجازر التي ارتكبها بحقهم؟
من المعروف أن الاعتقادات السابقة تزيد من رهبة الحدث حتى قبل وقوعه، فالناس كانت تخاف من 13 بالفعل من قبل، ولم تكن حادثة القتل تلك سوى ليزيد هو من رهبته كحاكم لفرنسا ويُرسِّخ ذلك اليوم في أذهان الناس أكثر.
بالنسبة للمركبة الفضائية، لا يمكن أن يكون فشل العملية فقط لأن المكوك يحمل هذا الرقم؛ بل من المؤكد أنها مشاكل تقنية، لكننا دومًا نضع تبريراتٍ في عقولنا بحدوث خطأٍ مفاجئ ونرميه على النحس.
أذكر أني حينما لم أنجح في اختبارٍ ما في المدرسة تشاءمت من معطفي؛ يرجع السبب لأني ارتديه أول مرة في ذلك اليوم، ما دفعني لتجنب ارتدائه في أي امتحان آخر.
لكني ارتديته مرة أخرى حينما أيقنت أن الأمر مجرد مصادفة، ولا يمكنني نِسبة فشلي إليه؛ فهذا القَدَر كان سيحدث سواءً ارتديته أم لا، ذاك بالضبط ما حدث معهم بلا شك.
هل تعتقدون أن هناك سببًا منطقيًّا لجعل هذا اليوم دون غيره المشؤوم؟
أعتقد بأن السبب الرئيسي لهذا الخوف هو جهل الناس في قديم الزمان، حيث أنه جعل السلطة تستطيع السيطرة على عقول الناس والتلاعب بها، كما يحدث الآن مع الإعلام.
لو ركز الناس في ذلك الحين للاحظوا أن جميع الأمور التي حدثت لم تكن سوى أشياء عشوائية غير مترابطة، بعيدة كل البعد عن كونها وقعت بسبب تدبير فاعل! لكن عندما يكون الحادث ذا قيمةٍ كبيرة كفقدان أرواحٍ تعني لنا الكثير فتلقائيًّا سنتشاءم منه.
قد تكون الحادثة الأولى مجرد مصادفة، لكن ترسيخ الناس لذلك التاريخ جعل أصحاب المكانة الأعلى يعرفون بأن نقطة ضعف الناس صارت تكمن في ذلك اليوم، ومع الأحداث التي سبق أن وقعت فيه فقد أصبح خوف الناس مضاعفًا من حدوث مكروهٍ فيه.
ساحرات الرومان، قد راودني سؤال لماذا اثنا عشر بالذات؟ هل عددهم اثنا عشر؟
قيل بأن الرقم الثاني عشر يرمز للكمال، والذي يليه يكسر هذا الكمال، وكانت هذه أحد الأسباب التي جعلته نذير شؤم.
لكن عقلي يبحر بي لفكرة أخرى… لربما أرادت الساحرات أن يجعلن الجميع يرى أنهنّ رمز للكمال من جميع النواحي؟ وركزنا على الثالث عشر رمز الشيطان؟ أو يكون فقط حجة كي لا يتم اعتبارهم قلة؟ من يعلم!
كانوا في المسيحية يستعملون القوة العددية للأرقام، وبما أن يوم الأحد يوم راحة وعطلة لا يجوز العمل فيه بل يُكرَّس للعبادة، فقد اعتقدوا أن من يعمل فيه يصيبه الشؤم والحزن ولن يتفوق في عمله في يوم الأحد لأن غضب الله سوف يحل عليه، والقوة العددية ليوم الأحد هي 13.
بصراحة أجد أن الأمر غريب قليلًا... أعني لأنه يوم عطلة وعبادة الله فكيف يعتبر هذا الرقم مشؤومًا؟ ألا يفترض أن يعتبروه يوم الحظ؟ أعني هو يوم لله، والجميع لا يعمل فيه، عليه أن يكون ذا تأثير جيد، وبالنسبة لمن يعمل فيه فيصيبه الحزن... كنت أتساءل، إن كان هذا اليوم لله، فكيف له أن يغضب من عمل أحد؟ خاصة إن كان العمل شيئًا موجهًا لله! ما الرابط بهذا؟
هل تعلمون ما الأكثر غرابة؟
يوجد مشاهير من السياسة يخافون هذا الرقم أيضًا، متأكدة أن بعض الأسماء لم تكن لتخطر ببالك حتمًا.
فمن كان يتوقع أن الرئيس الأمريكي الراحل فرانكلين روزفلت يُصاب بالفزع مِن الرقم 13!
فرانكلين الذي كان من سطوة هذا الرهاب النفسي والأفكار الخرافية على شخصيته وتعاملاته يرفض السفر في أي يوم 13 من أي شهر، كما وكان حريصًا للغاية ألا تشمل أي مأدبة غداء أو عشاء أكثر من 12 شخصًا أثناء فترة رئاسته.
وهناك أيضًا فرنسا… فقد كانت ضمن الدول التي لديها تشاؤم من الرقم الثالث عشر، وحقيقةً توقعتُ ألا أجد ملكًا لها بهذا الرقم، لكن لويس الثالث عشر موجود، وقد استلم الحكم بعمر الثالثة عشر... وهذا كان غريبًا نوعًا ما؟
أما الرئيس الأمريكي، بصراحة تبادر لذهني أن قيامه بهذه الحركة -حيث يكتفي باثنا عشر شخصًا- هو أنه يحاول إظهار الكمال، لكن من جانب آخر لماذا لم يقم بدعوة أكثر من الرقم المحدد؟ أعني لا يتوقف عند الثالث عشر بل يزيد العدد! هل كان بخيلًا مثلًا؟ صدقًا لا أتخيل ملكًا يجلس بمأدبة فيها اثنا عشر شخصًا فقط؛ فحتى عائلته قد تكون بهذا العدد!
الخوف من يوم الجمعة الثالث عشر أو كما تُعرَف بالجمعة السوداء، لم تعد قصة تروى فقط بل تم تغليفها كأسطورة، كما تم تكريسها كالثقافة الشعبية.
هناك من ربطها بالهوية الشخصية، فلكل بلد من البلدان عادات وتقاليد خاصة مختلفة عن الآخر! لذلك هي كغيرها من الأشياء التي تميز الشعوب؛ فمن المعروف أنه ليس الجميع يملك رهابًا منها، على سبيل المثال بريطانيا وإيطاليا اللتان تعتبران الرقم الثالث عشر رمزًا للحظ، وأنك عندما تصادف شيئًا له علاقة به تُعتَبر كأنك حزت على وسام البطولة.
قرأت مرة أن أساتذة علم النفس قالوا بأن البشر مخلوقون على فطرةٍ معينة، وهي إيجاد أنماط متشابهة في الأشياء؛ حتى إن لم يكن لشيءٍ منها أصل في الحقيقة... وهذا يكون أحد الأسباب التي تجعل الناس يتمسكون بخرافات سوء الحظ، كأن شيئًا فظيعًا سوف يحدث ذلك اليوم.
كما أُشِير لأدمغتنا على أنها آلات للتعرف على الأنماط، ترى أنماطًا عشوائية بأي مكان ثم تقوم بجمع توقعات عنها كأنها لغز يجب حله، ثم نبدأ بالبحث عن الأشياء التي من المفترض أن تحدث هذا اليوم أو المكان والتي ليس لها أساس من الصحة.
لنرجع لبداية كلامنا، لماذا ركز العالم على هذا الرقم؟ التوقيت الأوروبي غالبًا يكون بالأربع وعشرين ساعة، أي أن مروره على الساعة الثالثة عشر أمر طبيعي، فهل يتوقف الأمر عند تلك الساعة أيضًا؟
كل هذه الأحداث وغيرها مما تشمل تلك الخرافة، لها تفسير مقبول وتصرفات وشكوك، لكن حينما نفكر بقلبٍ خائف لا يعود بوسعنا إيجاد الصواب، الفوبيا أو الخوف الكبير الذي يكمن بداخلنا يصيبنا بعدم التفريق بين الصواب والخطأ، هناك فرق واضح بين ما أراه وما هو حقيقة.
تكرار المصائب في يوم الثالث عشر لا يعني أنه يوم نحس فعلًا، فكلها يمكن تفسيرها كما أنها غير مترابطة إطلاقًا، لذلك أتمنى أن تندثر فهي لن تقوم إلا بعرقلتنا.
ويبقى السؤال، هل هذا الرقم هو دلالة على سوء الحظ؟
دمتم بحب
اينفي راونين ✨
Comments