-عندما أكبر أريد امتلاك قطة سوداء. قلت باسمة لصديقتي التي تقف أمامي، فردت الأخيرة: -ولماذا؟ رفعت كتفي بلا مبالاة وأجبت: -لأني أريد أن أصبح ساحرة. -وما علاقة القطة السوداء بهذا؟ أدرت عيناي تذمرًا من براءتها، وضعت وجه مرعبًا وقلت: -لأنها.. «بنت السحرة»
•───≪•◦❈◦•≫───•
تعد خرافة القطط السوداء واحدة من الخرافات المنتشرة منذ العصور الوسطى، وما تزال سارية حتى يومنا هذا، ويتم تعزيزها خاصة بعيد الهالوين.
في الواقع تعددت أسباب انتشار هذه الخرافة.. لكن قبل أن نتكلم عن أسبابها لنعرف ماهي هذه الخرافة وأساسها. عند ذكر القطط السوداء، أول ما سيخطر على بال الناس المحيطة بك هو سوء الحظ هذا إن كنت بجانب أناس واعية؛ لأن هناك من سيشير للسحر.
فحسب معتقدات البعض، إن مرت من أمامك قطة سوداء لك من سوء الحظ نصيب.
وآخرون ربطوا الأمر بالسحر، حسب المفهوم الخاص بهم، إن كانت هناك امرأة عازبة وتمتلك قطة سوداء فهي على الأرجح ساحرة.
وفئة أخرى ظنت أن الجان والشياطين تتشكل على هيئة القطط السوداء، وهذا أحدث رعبًا مضاعفًا. يعود هذا الاعتقاد إلى عام 1233 حين أعلن البابا غريغوري التاسع، أنها تجسيد للشيطان نفسه.
وقتها بدأ المسيحيون بجمع القطط وحرقها في المهرجانات لمعاقبتها على شرها، وصل الأمر إلى درجة أنه في حدود القرن الرابع عشر كانت منقرضة تقريبًا في بعض المناطق من أوروبا.
في إيطاليا بالقرن السادس عشر تحديدًا، اعتقد الناس أنه إن كان هناك شخص مريض فإنه سيموت إذا رقدت بجانبه قطة سوداء. كما أعتقد النورمان والجرمانيون أن القطط السوداء مثل الغراب الأسود كانت علامة على الموت القريب.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد! بل بدأت قصة جديدة بالانتشار وهي أن السحرة بإمكانهم التحول إلى قطة سوداء.
هذا المعتقد لم يبني من فراغ؛ يرجع ذلك لمنتصف القرن السادس عشر وفقاً لأسطورة؛ حيث أنه كان هناك أب وابن يسافرون معًا في ليلة مقمرة، عبر قط أسود أمامهم فألقوا عليه الحجارة، أصيب بها ذلك الحيوان في مكان قرب منزل لامرأة يشتبه في كونها ساحرة. وفي اليوم التالي من الحادثة رأى الأب والابن المرأة مصابة بكدمات وتعرج مما دفعهم إلى أخبار الجميع. ومن هنا بدأت تحديدًا فكرة أنه يمكن للسحرة أن يتحولون إلى قطط سوداء.
وحينها اشتهرت في القرنين السادس والسابع عشر محاكم السحرة؛ يعد كون المرأة عزباء ولديها قطة سوداء دليل كافي لكي يتم اعتبارها ساحرة ويتم تطبيق حكم الإعدام عليها.
لماذا تعتبر القطط السوداء رمز للحظ السيئ؟
خلال العصور الوسطى مرض الناس وماتوا دون فهم الحقائق العلمية لأمراضهم، غالبًا لم يكن هناك أشخاص يبحثون عن تلك الحقائق، بل يبحثون عن شيء أو شخص ما لإلقاء اللوم عليه. كما أن الطبيعة الغامضة للقطط السوداء جعلتها هدفًا لهذه المعتقدات أكثر من المخلوقات الأخرى؛ لأنها تمتزج بالظلال وتبدو «مخيفة».
إلى أين وصل بنا الحال؟
على الأرجح البداية كانت كما يحدث في لعبة كلمة السر! تتذكرون تلك اللعبة التي لطالما لعبناها ونحن صغار؟ حين يتهامس الجميع بشيئٍ ما في أذن الآخر، ثم تنتقل الرسالة من طفل إلى آخر، وعندما تصل الرسالة إلى آخر شخص.. في الغالب لا تكون الرسالة مثل ما كانت في البداية.
من الممكن أن يكون هذا مشابهًا لكيفية تطور الخرافات. ربما كان هناك سبب منطقي لها ذات مرة، ولكن في النهاية يفعل الناس ذلك فقط لأنهم جيدون بإضافة لمساتهم الخاصة، إن أكثر ما سيدمرنا هو حبنا لزيادة التشويق بالقصص! أو كما تعرف «بزيادة البهارات».
من المؤسف أن تكون القطط في عيونهم كرمز للحظ العاثر؛ فهي مخلوق لطيف، وتعتبر من الحيوانات الأليفة التي تسكن البيوت، وتخالط الناس، سواءً كانت بيضاء أو سوداء، كبيرة أو صغيرة، ذكورًا أو إناثًا.
أما بمسألة قدرة الجن على التشكيل بهيئة قطة. إذا كان بإمكان الجن التشكل بهيئة القطط السوداء لم لا يتشكلون بغيرها؟ وقد رأى الناس الجن على هيئة بشر، ثعابين، وغيرهم.. لمَ لم يعتبروا جالبين للحظ العاثر أو نحس؟ لا يمكننا الجزم أن طائفة معينة من القطط للونها أو نوعها أنها من الجن، ولا الجزم بأنها من الشياطين.
بالنسبة لجلب النحس فكيف تكون تلك المسكينة رمزًا للحظ العاثر؟ هل لأنها سوداء؟ أليس بالألوان يعتبر الأسود ملكهم؟
والجدير بالذكر هناك من يعتبرها جالبة للحظ الجيد حيث عند الإبحار أغلب البحارة يأخذون القطط السوداء معهم، ليس من أجل اصطياد الفئران وحسب، بل لأنها جالبة للحظ الجيد ولضمان رجوعهم سالمين! الفرق كبير صحيح؟
لكني أيقنت أمرًا مهمًا.. إن البشر في كلا الحالتين مؤذون سواءً إن تم اعتبار القطط السوداء جالبة للحظ السيء أو الحظ الجيد.. فعلى الصعيد الآخر والجانب الإيجابي هناك من يعتبر أن القطط بعيدة كل البعد عن كونها حيوانات مؤذية، بل هي دواء من فيروس كورونا، انتشر هذا الاعتقاد بفيتنام وقامت حملة شرسة لقتل القطط السوداء وأكل لحمها المزعوم أنه يشفي من الفيروس.
وقصة امتلاك الساحرة هذا النوع من القطط، حسنًا لو جئنا للحق، فالقطط السوداء لديها رهبة بشكل غامض أكثر من باقي الألوان التي تشعرك بلطفها. وبالطبع لن تكون ساحرة لطيفة لذلك غالبًا سوف يميلون لما يظهرهم بذلك المظهر.
ثم إن كانت هناك ساحرة أو اثنان يمتلكونها وانتقلت عبر الأزمان لا يعني أنها بنت السحرة قطعًا، كما يوجد احتمال أن يكون لونهم المفضل هو الأسود؛ لذلك حيوانهم الأليف سيكون بنفس اللون.
بصراحة أجد من الغريب أن يتم اعتبار القطط السوداء فقط رمزًا للنحس، فحسب ما أعرف أن جميع الحيوانات يوجد بها اللون الأسود حتى الطيور!
هناك اعتقاد أن الخوف منها اختلط بمشاعر البشر المتغيرة، وأحوالهم المختلفة من حيث الأمن والاطمئنان من جهة، والخوف والفزع من جهة أخرى. وكانت مشاعر الرعب تسيطر على عقلية البشر وخيالاتهم, عندها تحولت صورة القطط إلى شياطين وساحرات لها أرواح سبعة كما هي الحال عند الشرقيين، وتسعة كما يعتقد الغرب.
بعيدًا عن الموضوع.. أستطيع الآن معرفة لماذا في عالم الأدب وقصص الخيال دومًا السحرة يمتلكون عيونًا صفراء، إن كانت القطط السوداء هي ساحرة بنفسها ومن المعروف بأن لون عيونها مميز بصفاره المختلف الذي يسحر الأبصار، لهذا من البديهي أن يتم اعتبارهم ذوي عيون صفراء.
على الأقل الآن أصبح الأمر منطقي في عالم الأدب، لطالما فهمنا سبب عيون مصاصي الدماء، لكننا نقف حائرين عند السحرة.
انتظروا لحظة! هل قلت يسحر؟ حتى هنا يوجد شيء يدل ولو بجزء بسيط على السحرة.. يبدو أني سأقتنع.
مع هذا نحن أعقل من طمر مخلوق لطيف ونسبه للسحر والشر، يا إلهي أتخيل مواء القطط السوداء أنها تطلب الرحمة منّا، لذلك رجاء هي مخلوق كما باقي الحيوانات، ارفقوا بها.
•
───≪•◦❈◦•≫───•
دمتم بحب ❤️✨
-كتابة: اينفي راونين. تحرير: اوكتان سيفيدور
コメント