عند مفترق الطرق توجد لافتة كتب عليها:
«صراع الحيوانات على الزعامة»
أن أردت معرفة ما القصة فأهلا بك..
«أنا الملك»
لطالما اعتبر الأسد ملك للغاب، ولم يسبق لأحد من الحيوانات قبلًا أن تنافس بحرب للحصول على العرش؛ فهو متربع عليه منذ زمن طويل، لكن السؤال… لم هو دون غيره؟ وما سبب اختياره، هل تعرفون الإجابة؟
رجح البعض أن السبب يكمن في شعر رأسه، فشكله مطابق لتاج الملوك، وهذا كان أحد الأسباب.
أما آخرون قالوا أنه يمتلك رهبة وطريقة سير جريئة، لا ينزل بنظره للأرض مطلقًا، وهذا سبب آخر لوضعه بالمرتبة؛ لكونها أحد صفات الملوك. كأنه يقول
«خُلقت لأكون ملك.»
كما أن زئيره مرعب، يجمد أوصالك ويثبتك بالمكان من الخوف، أو يشتتك لتهرب كالدجاجة.
آخرين اعتقدوا أن السبب الرئيسي هو تصرفاته، أو سلوكه العام؛ فمن المعروف أن الملوك لا تقوم بإحضار طعامها بنفسها إنما هناك من يجلبها له، وهذا بالضبط ما يحدث في الغاب، فاللبوة هي من تتكفل بالاصطياد وتأمين الطعام، أما هو لا يفعل شيء سوى الأكل والنوم والجلوس.
كما أنه يمتلك مجموعة من الحواس القوية والتي ينفرد بها عن غيره حيث إن لديه حاسة الشم قوية جدًا فيمكنه التعرف على فريسته بكل سهولة بمجرد أن تمر من جانبه.
هذه الأسباب وغيرها مما يتم ذكرها، جعلت الجميع يضعه بالمرتبة ذاتها مع الملوك، لكن كنت أتساءل هل يستحق هذا؟ وهل الأسد وحده يتفرد بهذه الامتيازات؟
بالنسبة للنقطة الأخيرة واعتماده بشكل كلي على اللبوة، في الواقع عندما قرأتها تبادر بذهني أنه ملك عربي.
كما أنه من المعروف أن طريقة صيد الأسود لا تكون فردية؛ إنما على شكل جماعات أو قطيع كالذئاب تمامًا، على العكس النمور التي لا تتردد في الانقضاض على الفريسة وطرحها أرضا. وهذا يذكرني لطالما سمعت عن نمر قتل دبًا، لكني لم أسمع عن أسد فعل هذا، ليس وحده على الأقل.
لا يمكننا الإنكار أن الأسود ليست وحدها من تمتلك طريقة سير خاصة بالملوك، فالنمور أيضا تمتلكها ولا تختلف شيء من ناحية التكبر أو حتى الغرور، الذئاب ليست بعيدة عنهم فزعيمهم عندما يقف على الصخرة يجعلك تشعر بالرهبة والعظمة.
أما عن شعره الذي يشبه التاج، شخصياً أرى أنه سبب ثانوي، ربما عندما تم الإجماع على أنه ملك الغابة لوحظ الشبه، فلا يمكن أن يكون صعوده على العرش لسبب شَكْلِي.
لنأتي لحاسة الشم، في الواقع تم اعتبار أن الدببة والثعابين أكثر الحيوانات التي تمتاز بقوة هذه الحاسة.
الثعابين تستطيع الشم عن طريق اللسان حتى مع وجود هواء رطب في الجو، يرجع قوته بسبب ضعف بصرها حيث تعتبر من الحيوانات التي لا ترى جيداً؛ نظراً لعيشها بأماكن مظلمة، فهي تصطاد وتعرف أين فريستها دون رؤيتها حتى.
أما الدببة يعتقد أنها تمتع بأقوى شعور برائحة جميع الحيوانات، على الرغم من أن عقل الدب يبلغ حوالي ثلث عقل الإنسان، فإن المساحة التي تتحكم في حاسة الشم هي خمسة أضعاف حجم البشر، وبالتالي يكون شعور رائحة الدب أفضل من 2100 من شعور الإنسان، وتستخدم الدببة هذا الإحساس الشديد بالرائحة للعثور على الطعام والدببة الآخرين، وتجنب الخطر.
هناك أيضًا الأسود لا تتمكّن من المحافظة على سرعتها لأكثر من خمسين متراً، إذ تبدأ درجة حرارة جسمها بالارتفاع في حال الرّكض لمسافة تفوق ذلك، لهذا تفضل أن تتسلّل حتى تصبح قريبة من فريستها، لكن من المعروف أن هناك حيوانات تستطيع الركض لهذه المسافة بسرعتها وأكثر كالفهود مثلًا.
لنرى، هل سمعتم من قبل بمقولة «انقلب السحر على الساحر؟»
أجل، ماذا لو قتلت الفريسة الصياد؟ هل سيبقى بنفس الصورة؟ تخيل حيوان مفترس يقع ضحية الفريسة؟ خاصة أن كانت المعركة من المفترض أن تكون محسومة؟ فالواقع هذا حدث فعلاً مع الأسود؛ حيث أنه في حالات نادرة تموت على يد فريستها.
بعيداً عما يكتب على الإنترنت، ارجح أن هذا لا يحدث إلا لو قرر الأسد دخول في المعركة لوحده؛ فهو معتاد على الاصطياد الجماعي.
أو ربما بسبب صوته فهو يزأر من مسافة بعيدة وقبل اقترابه من الفريسة، وإن كان ليس هناك من مخرج لهروبها فأكيد سوف تجتمع ضده.
أو حتى بسبب حركته الثقيلة؟ كلنا نعلم أن اللبوة أكثر مرونه من الأسود، كما أنها الاشرس، بينما هو ذا حركة ثقيلة خاصة بعد الأكل! ومقارنة بها هو يمكن ترويضه.
لو ذهبنا لجانب آخر من جوانب الأسود، مشاركتها بالعروض السيرك؛ فيتم ترويضها أما لتقليل شرورها، أو من أجل التسلية.
أفترض أن البشر لا تهتم بمن يكون ملك الحقيقي للغاب، إنما هذا شيء ثانوي، ولا يستحق أي ذرة تفكير.
فلطالما اعتبرت الحيوانات المفترسة ضيوف شرف بهذه الأعمال، الأسود والنمور على وجه الخصوص، وقد يكون الأسد أكثر بسبب الصيت الذي تم تغليفه به، هي مسألة شيء كبرنا عليه لا أكثر ولا أقل.
فأكثرنا يخشى الأسود بشكل رهيب ووضع أسد بالحديقة ويتم ترويضه تعتبر إهانة لملك الغاب، وربما يجدها المشاهد شيء مسلٍ يستمتع به، كأنه يقول «حتى الملوك تكون محط استصغار بوقت ما.»
والمدرب حينما يدخل رأسه بفم الأسد تشعر بأنه يقول ها هو الذي تخافون منه لا يستطيع التهامي حتى مع أن رأسي بفمه.
أتعرفون أن هناك اختلافات حول عدة أشياء، فمنهم رجح أن تكون الملوك الحقيقين النمور، فهي تقتل لوحدها ولا تحتاج لجماعات، كما أنها تمتلك طريقة سير مشابهة الأسود وقوة نظره تماماً.
قد يكون صوته ليس أعلى من الأسد لكن منذ متى الأصوات هي ما تأثر فينا؟ لو كان هذا لكان الفيل هو الملك فصوته مثل سيارة الطوارئ.
كما أن تصنيف الأسد حسب ما قرأت في المرتبة الثانية بعد سمك القرش، حيث أن فك الأخير لا يمكن النجاة منه، على عكس فك الأسد فهو أن افترس رجلك سوف يقطعها لك وتبقى على قيد الحياة، ربما لذلك تلجأ في أول هجومها لمنطقة البطن وأكل الأحشاء الداخلية الفريسة.
تعتبر قوة النمر أكثر بكثير من الأسد وما يميزه من قدرات قتالية عالية جدًا وأعلىى من الأسد كما إنه أكثر ذكاءًا منه، ولديها كتلة عضلية أكبر بكثير من تلك التي يمتلكها الأسود حيث يستخدم النمور قدميه الأماميتين على العكس من الأسد الذي يستخدم الأربع أرجل في الهجوم.
وقد تكون أخطر المعارك التي تشهدها الغاب هي القتال بين الأسود والنمور، نظرا لقوتهم المقاربة جدًا، وصفاتهم القريبة، حيث أن النمور والأسود لا تهربان من المعركة، يتبعان مبدأ «النصر أو الموت» وفي كثير من الأحيان يقتلان معًا.
لذلك تساءلت ما سبب تسمية الأسد بملك الغابة وليس النمر؟ ما رأيكم أنتم؟ من تظنون أنه ملك الغابة الحقيقي ولماذا؟
شخصياً أرى أن أغلب الحيوانات المفترسة تتشارك في صفات معينة، كالشجاعة، الجرأة، الهيبة، الشراسة، قوتها في أقدامها وحاسة شمها أيضا.
لذلك فكرت لربما لا يكون هناك ملك بنهاية المطاف؟
وإن قارنّا الحيوانات المفترسة جميعها من جانب السيرك، فسوف نراها كدمى العرائس فقدت هيبتها.
عن نفسي أرى لكل حيوان نقاط قوة وضعف يتفرد بها عن غيره من الحيوانات، وان تميز هو بصفة فحيوان آخر سوف يتميز بشيء آخر تماماً، لذلك أجل، ربما الغاب لا تملك حاكم لها في النهاية. ما رأيكم أنتم؟
إينفي راونين
Comments