top of page
صورة الكاتبمجموعة راميال

رأي: حينما تكون الغابة درسًا لنا نحن بنو الإنسان


《هل شاهدتم ذئبًا في البراري يأكل أخاه، هل شاهدتم يومًا كلبًا عض يدًا ترعاه،

هل شاهدتم فيلًا يكذب يسرق يشهد زورا ينكر حقا يفشي سرًّا، يمشي مغرورًا بأذاه.》




إن كانت الغابات تتبع أنظمة تكافلية بين سكانها، قوانينٌ تتبعها الحيوانات دون أن يكون عليهم رقيب.. فما عذرنا؟

مخلوقات بلا عقل تعطينا درسًا لا ننساه بالتعامل، طريقة من هنا وهناك، قانون من هذا وذاك، لم أسمع بهم سوى لديهم.

مالِكُ النعم ممن وهبها بسخاءٍ إليه، يقتل يظلم يسرق يغدر على الرغم من امتلاكه عقلًا يفكر! ما سبب ذلك يا ترى؟

لربما لم نستحق تلك الهبة؟ إذا كان لا، لِمَ لا نستخدمها ونُظهِرُها، نجعلها تتكلم بدلًا عنّا، لِمَ نتجاهلها متبعين رغباتنا؟

حين وهبنا الله الرحمة، وزعها على جميع مخلوقاته، لم يفضل أو يستثني أحدًا... مع ذلك لا زلنا نرى ونشهد من يفقدها.


هل يعني أننا نملك مفتاحًا يشبه المفتاح الكهربائي نغلقه لندع عقلنا يرتاح قليلًا، فيبدأ جانب آخر بالعمل؟ ذلك الجانب الذي لن تصل حتى الشياطين لسوئه! أعني، ما سبب قتلنا لأحدهم إن كنا نفكر؟ ما الذي يجبرنا على خسارة حريتنا وإنسانيتنا لأجل ذلك؟

ما سبب عضنا ليدٍ ترعانا إن كنا نملك من المودةِ ولو ذرةً منها!

لا تقل أنك تفعل ماهو بصالحك، صدقني لا يأتي الصلاح بالأذى إطلاقًا.


《في الغابة قانونٌ لم يفهم مغزاه بنو الإنسان》

عندما سمعتها في سبيستون، لطالما رغبت بمعرفته، عيشه، أراه على حقيقته... لكني كبرت وبقيت تلك أمنية لحد الآن.


《ساعد غيرك لو تدري ما معنى حب الغير؟ ما أجمل أن نحيا بالأرض بلا نكران》

عندما أسمع تساؤلًا في منتصف أغنية عن معنى حب الغير، أشعر أنها باتت كلمة لا تتواجد كثيرًا، مخفية بين ركام من الأشياء.. هل الخلل فينا؟ هل فقدنا معنى الحب؟ أم أنها مجرد كلمة في سطر أغنية؟


أن تقف بين جانبين، أحدهما قانون استطاع اتباعه سكان الغاب لكن البشر لا.. والآخر جانبٌ يمثل ما تطمح إليه وما تريد أن تكونه. إن كنت راغبًا بالاستكشاف، فهات يدك ولنأخذ جولةً هناك.. حيث الغاب والقانون غير المفهوم.

أما إن كنت تهوى البقاء في دائرتك اللا منتهية، تركض بحثًا عن خيالك المكتوب على صفحات الواقع.. فابقَ في مكانك ولا تتبعني؛ لن يجتاز هذا السطر إلا الشجعان.


على الرغم من وحشية بعض الحيوانات وشرها، إلا أن عالمنا بات أكثر سوءًا من عالم الغاب؛ فنحنُ الآن نعيشُ في قرنٍ لا يشبع مهما أكل

سواءً كان ما أكلهُ لحمًا أو مالًا أو حتى حقًّا.. مهما يكن فبشر هذه الحقبة لا يشبعون! على عكس الحيوانات التي لم تتغير طباعها، تأكل لتشبع ثم تمضي تاركةً خلفها ما قد خلفته. أما نحن فلا نمضي حتى نتأكد تمامًا أننا أخذنا كُل ما هو مُتاحٌ لنا حتى لو لم نكن جائعين.


كُتبٌ نَزلَت من السماء لتحدِّد قوانين الحياة، وعقولٌ كتبت صفحات عديدة لتطور من الأنفس البشرية، أصواتٌ هتفت بأن نتعلم الإنسانية.. لكن لا شيء ممّا ذُكِرَ قد أحدث التغيير الفارق في هذا العالم.

لا ندري ما السبب، أهذه الطبيعة البشرية؟ تعال لنلقِ نظرةً على ما قاله الله في حقنا بكتابه الكريم: 《لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم * ثم رددناه أسفل سافلين * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات》 وبحسب فهمي عزيزي القارئ، فإن الله يخبرك بأنه قد أحسن خلقك ولم يخطئ بحقك ولو بشعرة! والسوء الذي يُصيبك ليس إلا ما اقترفته يداك.

الإيمان وعمل الصلاح ليس شرطًا أن يكون صيامًا وقيامًا؛ فما فائدةُ بضعة حركات إن لم تكن التحركات من داخلك؟ ما فائدةُ بحثك للنور إن كنت متمسكًا بالظلام في ثنايا روحك؟


الصلح لا يأتي بالأذى، ولا عمل المعروف يكون بالمنة. إن كسرت أحدًا سيأتي من يكسرك، ألم تسمع بمقولة 《افعل ما تحب أن يأتيك؟》 فالدنيا لا تدوم على حالٍ واحدة، يومٌ لك ويومٌ عليك.


إن رفعتك العجلة اليوم، فستدفعك إلى الأسفل غدًا، وإن سقطت بالأسفل فلن يرحمك من كان هناك يومًا ما.

لا ينال الرحمة إلا من عرفها؛ كيف ستؤوينا وكنا نحن من تجاهلها على الدوام؟ ألا يجب لطالب الشيء أن يكون قد تعرف عليه يومًا ما؟

لِمَ نصنع جميع مشاكلنا بأيدينا؟ لِمَ لا نأخذ بأيدي بعضنا؟ لِمَ لا نتعلم من المخلوقات الرحمة والمودة كما علمتنا الافتراس والدفن؟ لِمَ نأخذ فقط صفات من المفترض ألّا تكون لنا؟

كل ما تطلبه الأمور منك أن تكون إنسانًا.

عجيبة هي طبيعتنا الحالية، نهوى الافتراس أكثر من الضباع، وتستهوينا الدماء أكثر من التماسيح، ونسعى برغبةٍ جمة للدغ الفريسة بأقرب فرصة، كأفعى خُلِقت لدس السم لا أكثر.


ومن بابٍ طريف نوعًا ما، سمعت مرة أن لحوم الحيوانات تؤثر على آكلها، على سبيل المثال إن أكل مخلوقٌ أرنبًا ما، سيتطبع بصفاته ولو قليلًا بحيث إن كان المخلوق لطيفًا سينال آكله بعضًا من تلك الصفة، وهكذا.. هذا ذكرني أنه ليس فقط الحيوان من يتطبع بطباع صاحبه.

كثيرٌ ممن أعرفهم لديهم أمنية غريبة نوعًا ما، فعلى الدوام أراهم يتمنون العيش بدلًا من ماوكلي مع الذئاب.. أعتقد أن حب أغلب البشر للذئاب جاء بسبب ترجمة رحمتها، سعيها للعائلة، وهذا ليس غريبًا على تلك الحيوانات، بل سبب طلب بعض البشر أن يكونوا معهم في حين أنها خطرة، هل يا ترى اخطأوا بالرغبة، أو ما يجول بخاطرهم؟ من يدري!


إن كنت تسعى للعيش مع الذئاب، فعليك أولًا أن تتحلى ببعض صفاتها؛ صدقني لو شمت رائحة الصفات البشرية المعتادة بك في هذا الوقت.. لن ترحمك أنيابها؛ فحينما تريد العيش مع أحدهم تأكد أنك من ذات مستواهم أولًا.

في حين أن الأطفال يتمنون العيش مع الحيوانات كما يفعل ماوكلي، هم لا يعلمون أن البشر أنفسهم لا يستطيعون فهم قوانين الغابة، تلك القوانين التي لا تستوعبها الرغبات البشرية.


بعض شعوب البلدان العربية تسخر عند رؤيتها شيئا فوضويًّا قائلة: أين نسكن نحن؟ في الغابة؟

بالرغم من أنها ما هي إلا مكان منظم، لديها قوانين تتبعها، نحن فقط من نترفع عنها، فما هي موطن للحيوانات، أو ربما لأنها تتبع قانون (البقاء الأقوى)، لكن ألا توجد هذه القاعدة لدينا أيضًا؟


نحن في زمن أصيبت به أعين بعض البشر بالعمى، فباتت ترى الطريق الخطأ هو المستقيم، وتمشي به بفخر وعلانية، كأنما حصلوا على جائزة أبرع الأشرار.


جل من لا يخطئ، لا أستبعد حتى أني أخطأت بفقرةٍ ما من هذا المقال.. فحتى الرسول قال 《كل ابن آدم خطاء》 لكنه استمر وأكّد 《وخير الخطائين التوابون》، لذلك لا تخجل، وليس عيبًا أن نصحح أنا وإياك الأفعال.. الأهم ألّا نسير بطريق الضلال ونحن نعرف أننا بالمكان الخطأ ونستطيع بإرادتنا العودة.

لم تكن الميزة لدينا فقط العقل، إنما أيضًا الإرادة.. لذلك أنا على ثقة أنك تستطيع، أنا مؤمنة بك، تبقى أن تؤمن بنفسك وتمضي، تشجع، لا تيأس من أول محاولة، وإن كان تأثيرك بسيطًا... فتذكر أن أول الغيث قطرة.


شخصيًّا، نرى أنه لم يفت الأوان على التغيير من أنفسنا، وإرجاع المجد لنا كما كنا قديمًا وكما من المفترض أن نكون.

حتى إن بدا ذلك صعبًا فلا زال غير مستحيل.. لذلك نبدأ من جديد ومن هنا، قد لا نستطيع بناء شيء الآن لكنّا دومًا نستطيع الصقل والتعديل بأي وقت، فلا تنسى نحن أمة لا يصعب عليها شيء.


وبما أننا شارفنا على نهاية أسطرنا، مؤكدٌ أنك وافقتنا عند بعض الجمل وأخرى قد تجدنا مُبالِغين، لكن قِف وتأمل الكلمات وافهم مغزاها عميقًا ثم أخبرني، هل بإمكانك فهم قانون الغابة؟ أتظن أنه يمكننا التعايش من خلاله؟


الاختلاف شيء طبيعي فنحن بالنهاية بشر، لكن هل ترانا حقًّا أخطأنا، هل ترى العالم ورديًّا؟ لكن مع هذا نحن لسنا مع تغير المعيشة للغاب قطعًا وعلى هذا الأساس كتبنا، نحن نريد أن تكون الحياة التي يحياها أطفالنا بخير ببراءة كقديم الزمان... مؤكد أن الأغلبية تشاركنا نفس الأمنية.



كتابة: اينڨي وڨيكتوريا

مراجعة: راي


٢٤٢ مشاهدة٠ تعليق

منشورات ذات صلة

عرض الكل

Comments


bottom of page